وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أولا، قبل أن تقوم بعملية الإستقراء من الميزانية أو جدول حساب النتائج، عليك أولا أن تُحدد معنى المدين والدائن لُغويا حتى تستطيع وضع حجر الأساس في التعريف ولا تقع في التناقض (بمعنى آخر، هل المعنى اللغوي للمدين والدائن يقع على جدول حساب النتائج أو الميزانية؟)
- المعنى اللغوي لكلمة مدين: مُرتهن، من عليه دين (أي أن الشخص الذي يقوم بالدفع هو المدين)؛
- المعنى اللغوي لكلمة دائن: الراهن، صاحب الدين (أي أن الشخص الذي يقوم بعملية التحصيل هو الدائن)؛
بما أن "جدول حساب النتائج"، قائم على دمج الأرباح وتخفيض الأعباء لتحديد الربح أو الخسارة، "فهو إذن من يُشكل حجر الأساس في التعريف".
ثانيا، ما هي وظيفة كل من الأصول والخصوم في الميزانية؟ فنجد أن الأصول تُمثل المنافع الإقتصادية التي تحصلنا عليها، سواء كانت ذات طابع مادي كالتثبيتات، أو طابع مالي. أما الخصوم فهي إستهلاك لتلك المنافع. ثم إن "هذه المنافع" قد تظهر في جهة الخصوم أحينا بالنسبة لبعض حسابات الميزانية لمُقابلة النقد "كالتسبيقات المُستلمة مثلا" فيتم إظهارها في جهة الخصوم بإشارة "سالبة"، كما قد يتم إظهار ما يتم إستهلاكه من منافع في جهة الأصول "كالإهتلاك وتدني القيم" ولكن "بقيم سالبة". وبالتالي هذا الإختلاف في التصنيف الذي يقع في الميزانية سيجعل من مصطلحات "المدين" أو "الدائن" مُصطلحات شاذة لُغويا لأنها "ستجمع بين نقيضين" ومعروف في قواعد المنطق أن "النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان"، وستكون شاذة في الإصطلاح المُحاسبي أيضا إن لم يتم ربطها بمبدأ مُعين.
ثالثا، السؤال الذي يجب أن يُطرح إذن، هو "ما هو المبدأ الذي تُلبيه مُصطلحات المدين أو الدائن في الميزانية؟"، وما هو سبب ظهورها في الميزانية؟ الجواب هو "مبدأ القيد المُزدوج" وذلك لأن هذا المبدأ ينص على إلزامية مُقابلة المبالغ المدينة بالمبالغ الدائنة، وبالتالي فإن ظهور هذه المُصطلحات تُلبي المعنى "التناظري" الذي فرضه هذا المبدأ، ولا تُلبي المعنى "اللغوي".
الخلاصة: إن إستنباط المعنى الإصطلاحي أو اللغوي لكلمة مدين أو دائن من الميزانية، يُعد خطئا جسيما لا يُغتفر. وسيضعك في بوتقة من الشك والتشكيك. وللأسف هذا التناقض راج بشكل كبير وقد يُصادفك كثيرا في محركات البحث عندما تحاول البحث عن المعنى المُحاسبي لهذه المُفردات، ونصيحتي لك هي أن لا "تلتفت إليهم". لأنها ستُفسد عليك القراءة المالية للقوائم المالية.