، ويُعرِّض الضالعين فيه للمساءلة أمام القضاء وعقوبات مدنية وجنائية، قد تصل إلى السجن.
ويجب التمييز في هذا المجال بين التهرب الضريبي -المجرَّم قانونا- والتجنب الضريبي (Tax Avoidance) الذي يتوسل طرقا وأساليب مشروعة لا يحاسب عليها القانون، وإن كان بعضها مدفوعا بنية استغلال الثغرات الموجودة في نصوص القوانين بنية تجنب الضريبة أو تخفيضها إلى أقصى حدد ممكن.
الأسباب
، ومن أبرزها ما يلي:
– الإحساس بضعف المؤسسات وعجز الدولة على إعمال القانون وفرض سيادته، وعدم قدرتها على ممارسة مسؤولياتها الرقابية من أجل وضع اليد على الممارسات التي تعد تهربا ضريبيا وإحالة أصحابها إلى القضاء.
– الفساد المستشري داخل أجهزة الدولة، وداخل الإدارات الضريبية على وجه الخصوص، والتي تشجع على دفع الرشى بدلا من أداء الضرائب المستحَقة للدولة.
– فرض عقوبات غير متشددة على المُدانين بتهمة التهرب الضريبي، الأمر الذي لا يحقق الردع المطلوب من العقوبة، مما يشجع المكلفين بالضريبة على التهرب إذا كان العائد المتحصَّل من خلاله أكبر من العقوبة المترتبة عنه.
– الشعور بارتفاع معدلات الضريبة وثقل العبء الضريبي، وعدم الاستفادة -في المقابل- من أي خدمات حكومية، أو الاستفادة من خدمات مفتقدة للجودة؛ فلا يرى المواطن حينئذ أثرا للضرائب التي يؤديها للدولة يعود عليه بالنفع.
– الإحساس بعدم شرعية الضرائب في الأساس، إذا كان النظام الحاكم نفسه فاقدا للشرعية الديمقراطية وغير منبثق من الإرادة الشعبية ومعبر عنها.
ويُضاعَف هذا الإحساس إذا استشرى الفساد داخل أجهزة الدولة، وصار المال العام مباحا أمام النهب والسلب دون حسيب أو رقيب، وإذا رأى المواطنون أن الموارد العمومية أصبحت غنيمة يتنعم بها رجالات السلطة والمقربون منهم، ويتم تبذيرها في نفقات استهلاكية خارجة عن القصد.
– الشطط والعشوائية في استعمال السلطة التقديرية من قبل الإدارة الضريبية في بعض الحالات (النظام الجزافي في ضريبة الدخل مثلا)، مما يشجع بعض المواطنين على ممارسة أنشطتهم بشكل سري (القطاع غير الرسمي) وعدم التصريح بها، أو عدم تسجيل أنفسهم لدى الإدارة الضريبية من أصله.
أساليب التهرب
تتعدد الطرق والأساليب التي يتبعها الأفراد والشركات من أجل التهرب من أداء الضرائب، ومنها ما يلي:
– عدم التصريح بالمداخيل والإحجام عن تقديم إقرار ضريبي للإدارة الضريبية.
– تخفيض قيمة الدخل الخاضع للضريبة.
– التلاعب في مبالغ الضرائب المقتطعة من دخل العمال والموظفين بالشركات، وعدم تحويلها إلى الدولة كاملة.
– تقديم فواتير مزورة لإدارة الجمارك من أجل تخفيض قيمة الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة المستخلصة على السلع المستوردة.
ومن الأساليب التي تستعملها الشركات أيضا في التهرب الضريبي، التصريح بفواتير شراء وهمية من أجل تضخيم المصاريف، أو عدم التصريح بعمليات بيع بغرض التقليل من العائدات.
ويكون الهدف النهائي من هذه الممارسات هو تخفيض مبلغ الضريبة الواجب أداؤها لصالح الدولة، من خلال تخفيض الأرباح المصرح بها، وهي أساس احتساب الضريبة على الدخل.
الأضرار
يحد التهرب الضريبي كثيرا من قدرة الدولة على تعبئة الموارد وتوفير الإيرادات اللازمة لتمويل الإنفاق العمومي؛ وهذا من شأنه أن يضعف جودة الخدمات العمومية المقدَّمة، ويقلل فرص الاستثمار في البنى التحتية والمرافق الضرورية، ويحول دون نهج السياسات الحكومية التي تحفز النمو الاقتصادي وتحقق التنمية.
وبسبب نقص الموارد وعجز الميزانية، وغيرهم ممن تقتطع ضرائبهم على الدخل من المنبع، ولا سبيل لهم إلى التهرب من أداء الضريبة أو إلى تخفيضها.
وهذا يحول دون إرساء منظومة ضريبية عادلة، توزع أعباء الإنفاق العمومي بشكل متوازن ومتناسب مع القدرة على الإسهام بين المواطنين. وتصبح الضريبة بذلك فاقدة للشرعية مع غياب هذه العدالة، وفي ظل إحساس فئات عريضة من المجتمع بالظلم الاجتماعي والتمييز أمام الواجبات.
نجوم يتهربون
بالإضافة إلى رجال الأعمال والشركات، يتهرب المشاهير من لاعبي كرة القدم ونجوم الفن والسينما وغيرهم من أداء الضرائب، ومن هؤلاء مهاجم برشلونة الأرجنتيني ليونيل ميسي.
ففي يوليو/تموز 2016، ، وغرمته مبلغ 3.7 ملايين يورو (نحو أربعة ملايين دولار).
وذكر بيان صادر عن محكمة في برشلونة أنه تمت معاقبة ميسي بالسجن لمدة 21 شهرا بعد إدانته بارتكاب ثلاث تهم تتعلق بالتهرب الضريبي.
كما قضت المحكمة أيضا بسجن والده خورخيهوراسيو 21 شهرا أيضا عن التهم الثلاث نفسها، وأكد البيان أنه يمكن للاثنين استئناف الحكم أمام المحكمة العليا.