يظنّ الكثير أن كل المؤونات الخاصة بالأعباء، تسجل مباشرة في حساب 15، دون الانتباه لاسم الحساب بأكمله: "المؤونات للأعباء ـ خصوم غير جارية".
فمن خلال "مفهوم المخالفة"، نجد أنّ هناك مؤونات للأعباء، تُصنفّ كـ "خصوم غير جارية"، وهناك مؤونات للأعباء تُصنفّ بأنّها : "خصوم جارية". إذن فهناك نوعان من المؤونات: "خصوم غير جارية" و"خصوم جارية". وللتذكير فإن المؤونات ما هي إلا خصوم ولكن غير محددة من حيث المبلغ وتاريخ الاستحقاق، لذا يتمّ تصنيفها كـ "مؤونة". وكما هو معلوم، فإن الإطار التصوري الذي جاء به النظام المحاسبي المالي، قد صنف الأصول والخصوم، إلى جارية وغير جارية، فالجارية هي تلك " الأصول التي يتوقع الكيان تحقيقها أو بيعها أو استهلاكها في إطار دورة الاستغلال العادية التي تمثل الفترة الممتدة بين تاريخ اقتناء المواد الأولية أو البضائع التي تدخل في عملية الاستغلال وإنجازها في شكل سيولة الخزينة" انتهى، المادة 21 من مرسوم 08-156 ل26 ماي 2008، الخاص بتطبيق النظام المحاسبي المالي. و" تصنف الخصوم خصوما جارية عندما يتوقع أن تتمّ تسويتها خلال دورة الاستغلال العادية، أو يجب تسديدها خلال الاثني عشر شهرا الموالية لتاريخ الإقفال" انتهى، المادة 22 من المرسوم السابق ذكره.
فالخلاصة، أنّ معيار التفريق بين الأصول والخصوم الجارية، مع الغير جارية، هي مدة 12 شهرا، فإن كان استعمال الأصول يفوق 12 شهرا، وتسديد الخصوم يفوق 12 شهرا، ففي هاته الحالة، تصنف الأصول والخصوم المعنية، في خانة " الغير الجارية"، وإلا فيتمّ تصنيفها كأصول وخصوم "جارية".
نقوم الآن بإسقاط هذا التعريف على بعض حالات المؤونة، لنرى هل هي جارية أم غير جارية ؟:
المثال الأول: قامت المؤسسة بتسريح عامل في شهر جوان 2019 والذي رفع القضية للمحكمة، وقبل إقفال الحسابات في شهر مارس 2020ـ مثلا ـ أخبر محامي المؤسسة، أنّ الاحتمال جدّ وارد في تعويض العامل بمئة مليون دج، ولكن يجب انتظار صدور الحكم النهائي من الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا، وهذا يتطلب سنتين على الأقل.
المثال الثاني: قامت المؤسسة بتسريح عامل في شهر جوان 2019 والذي رفع القضية للمحكمة، وقبل إقفال الحسابات في شهر مارس 2020ـ مثلا ـ أخبر محامي المؤسسة، أنّ الاحتمال جدّ وارد في تعويض العامل بمئة مليون دج، وأن الحكم الذي سيصدره مجلس القضاء في شهر أكتوبر 2020 على أكثر تقدير، سيكون نافذا ويجب تسديد التعويض على الفور، مع إمكانية متابعة الإجراءات والطعن لدى الغرفة الاجتماعية للمحكمة العليا.
التعليق: ففي "المثال الأول"، نلاحظ أن تاريخ تسديد التعويض للعامل، يكون بعد فترة تفوق 12 شهرا ابتداءا من تاريخ إقفال سنة 2019، وبالتالي يصنف كخصوم غير جارية، ويسجل بشكل طبيعي في حساب 15مؤونة الأعباء ـ الخصوم الغير جاريةـ ، لأنّ عنصر الاحتمال ما زال قائما وغير مؤكد بالكلية. أمّا في "المثال الثاني"، فإنّ تاريخ تسديد التعويض سيكون قبل 12 أشهر ابتداءا من تاريخ اقفال سنة 2019 ـ أي في شهر أكتوبر 2020 على أكثر تقدير أي في مدة 10 أشهر ـ ، وبالتالي يصنف كخصوم "جارية"، ولكن لا يسجل في حساب 15، الخاصّ بالخصوم "الغير جارية"، بل في الحساب المخصص له وهو حساب 481 " المؤونات ـ الخصوم الجارية".
سؤال وجواب من إعداد الأستاذ توفيق رجاح أبو جابر (محافظ حسابات).