نعتذر عن الإجابة على هذا السؤال، للأسف، المقاربات الصحيحة، تكون عندما يكون هناك دين واحد.
فعندما تجد من يُبيح او يُحل الربا للضرورة، وآخرون يُلغون قيد الضرورة، وآخرون يرون أن الفوائد لا تلبي مفهوم الربا، ثم يقوم الأطرف بنسبة أحكامهم العقدية لله، فهذه مشكلة لأنهم دخلو في فتنة الأرباب، التي أشار إليها حديث عدي.
فالطوائف الدينية التي تنتسب للإسلام، لا يُمكنك الإعتماد على إجتهاداتها لأنهم "إختلفو في الكتاب كاليهود والنصارى - منذ القرن الثاني". وهذا راجع إلى عدة أسباب:
1- عدم ترتيب القرآن حسب النزول: منهم من ضعف الروايات (وهذا الجانب إن سلكته سيُدخلك في حكم العمل بالروايات الضعيفة)، و منهم من صححها، وهذا الطريق إن سلكته ستجد هناك تباين في ترتيب بعض السور. حيث إن الإختلاف في الترتيب سيُفسد الناسخ والمنسوخ.
2- عدم جمع كل النقل: هناك تباين في عدد الأحاديث التي تم جمعها، أيضا عند المذاهب الأربعة وغيرهم. وتباين في عدد الأحاديث التي تم تصحيحها أو تضعيفها.
3- إختلافهم في مصادر التشريع؛
4- إختلافهم في كيفية الإستنباط والإستدلال من الكتاب والسنة (وهذا الركن سيختل إن لم يتم ربط الآيات حسب النزول والأحاديث المتشابهة المرتبطة بنفس الموضوع، لمتابعة الناسخ والمنسوخ في الشرائع، أو في الأخبار لفهم العقائد)؛
5- إختلافهم في لا إله إلا الله، وفي سائر العقائد والشرائع؛
فإختلافهم في كل شيء يجعلك تبحث عن طبيعة الخلاف، هل هو سائغ أم لا. بناء على حديث عدي: أتيتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ وفي عنقي صليبٌ من ذَهبٍ. فقالَ يا عديُّ اطرح عنْكَ هذا الوثَنَ وسمعتُهُ يقرأُ في سورةِ براءةٌ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ أما إنَّهم لم يَكونوا يعبدونَهم ولَكنَّهم كانوا إذا أحلُّوا لَهم شيئًا استحلُّوهُ وإذا حرَّموا عليْهم شيئًا حرَّموه (الترمذي/3095).
وهذا الأمر قد يأخذ منك حياتك كلها. لتتمسك بعقيدة واحدة - بشكل صحيح
لكن ظاهر الفقهاء، أنهم يُجسدون حديث عدي، في الفقه والعقائد. وفي كل شيء.
الخُلاصة:
إذا عملت بهذا الحديث حيطة: "إنما هلك الذين من قبلكم بهذا ضربو كتاب الله بعضه ببعض".
فسيقودك إلى مناقشة أي شيء في الدين، حتى تضمن لنفسك النجاة (من تصحيح وتضعيف الحديث إلى البناء الفقهي والعقدي).
للأسف لا نبني أبحاثنا، على شيء مُختلف فيه. فظاهر الفرق هو غُربة الإسلام حتى من المصادر الدينية التي يثق بها الجميع إن إعتمدت الآية:
- قال سبحانه: شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ () وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ (13، 14 - الشورى).
- بمقياس الحديث: لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن قَبْلَكُمْ شِبْرًا بشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بذِرَاعٍ، حتَّى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ، قُلْنَا: يا رَسُولَ اللَّهِ، اليَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قالَ: فَمَنْ؟ (صحيح البخاري/3456).
- مع إستثناء بعض التابعين من الغُربة بمقياس الحديث: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ السُّوَائِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: إِنَّ هَذَا الدِّينَ لَنْ يَزَالَ ظَاهِرًا عَلَى مَنْ نَاوَأَهُ، لَا يَضُرُّهُ مُخَالِفٌ وَلَا مُفَارِقٌ، حَتَّى يَمْضِيَ مِنْ أُمَّتِي اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً، قَالَ: ثُمَّ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ أَفْهَمْهُ، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ قَالَ: كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ. (مُسند أحمد بن حنبل/21163).
- بالتحديد بعد زوال رحى الإسلام: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ نَاجِيَةَ الْكَاهِلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ رَحَى الْإِسْلَامِ سَتَزُولُ بِخَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، أَوْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، أَوْ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ، فَإِنْ يَهْلَكْ، فَكَسَبِيلِ مَنْ أُهْلِكَ، وَإِنْ يَقُمْ لَهُمْ دِينُهُمْ، يَقُمْ لَهُمْ سَبْعِينَ عَامًا، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبِمَا مَضَى أَمْ بِمَا بَقِيَ؟ قَالَ: بَلْ بِمَا بَقِيَ. (مُسند أحمد بن حنبل/3835).
النتيجة: تاريخ إستفاضة الإختلاف في الكتاب في الوارثين هو "12 ربيع الأول سنة 118 هجري" (11 هـ + 37 سنة + 70 سنة).
فكل من وُلد بتاريخ 118 هجري، أو بعده، فقد وُلد في زمن الغُربة. لأن الإختلاف في الكتاب عم في الوارثين.
فلا مقاربات حتى يكون هناك إقامة علمية صحيحة للدين. إقامة لا تضرب بعضها ببعض.
العاقل، من يتمسك بالحد الأدنى الذي يُنجيه ويناقش كل شيء مرتبط بالبناء (من فقه إثبات كتب الوارثين و تحقيق الحديث من كتب الوارثين الذين شكو في الكتاب، إلى البناء الفقهي والعقدي واستنباط العقائد والأحكام من الكتاب).
إلى أن يظهر مُخلص آخر الزمان في أهل المغرب (المهدي).