وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
للأسف، الخلاف سُنة كونية، وهو شر، في أي مجال. لأنه يُفسد المقاصد، ويجعل الناس يقبلون الأخطاء، حتى بلغ بهم الأمر، إلى فصل "النوع عن العين" أي يقولون لك أن فعلك خطأ، ولكن أنت لم تخطأ، هكذا، حتى تُصبح عاذرا.
وغيرها من المقالات الفلسفية. التي أفسدت الناس، وجعلتهم يمرقون من مجالاتهم. فالأصل هو الوقوع في الخطأ ثم الخروج منه، وليس أن تكون عاذرا فتمكث على الخطأ. وتُفسد في الأرض.
والمحاسبة، هي كغيرها من العلوم. لها "لوازمها الوظيفية"
1- لا تضرب مبادئ المحاسبة بعضها ببعض.
أي يجب أن تعرف كل معاملة، كيف تبدأ وكيف تنتهي، من التسجيلات المحاسبية إلى القوائم المالية. وتعرف المبادئ التي سجلت عليها المعاملة. لأن المبادئ هي دلالات وظيفية مُحكمة، ترد إليها مقاصدك مستقبلا، عندما تقرأ معيار، أو تُعد مقالات. أو أي شيء آخر.
2- لا تتجه إلى أقوال الرجال مباشرة
لا تعود نفسك على الإطمئنان، عندما تتلقى إجابة من أستاذ، أو مهني، حتى لا تكون عبدا لهم. بل إعرف على أي شيء إعتمد في إجابته. وذلك لأن أقوال الرجال كثيرة، وستجدها تتناقض، لكن إن عرضت أقوالهم، على فقرات المعيار، او المبادئ، او القواىم المالية (الدلالات الوظيفية المُحكمة)، ستعلم مالذي ستستقر عليه.
3- إبتعد عن الدلالات العامة للكتب، وخالط المهنيين أو تابع أبحاثهم
ستجد بعض ما يُعرض في الكتب (عربية او فرنسية، او انجليزية)، له دلالات عامة. أي عندما تقرأها، ستتشابه عليك، لأن مقاصدهم غير واضحة.
فلا تتبع المُتشابه، ولا تعمل به. لأن الذين يتبعون المتشابه، لا مقاصد لهم، فتجدهم تارة، ينسخون مبادئ المحاسبة (أي أقوالهم تؤدي إلى تبديل وإفساد المبادئ، و المعاني الوظيفية)، و معروف أن المبادئ لا تُنسخ، فيؤول بهم الأمر إلى ضرب مبادئ المحاسبة بعضها ببعض. (كتعريفهم المدين والدائن من الميزانية، وخلطه مع الدلالات اللغوية، على سبيل المثال).
وتارة يخلطون بين الأمور، كعدم تفرقتهم بين المتطلبات المحاسبية والضريبية، فتجدهم مثلا، يعالجون بنود محاسبية، بطريقة جبائية.
أما متابعتك للمهننين، سيُعرفك على أصل المشكلة. لأن الكُتب، لا تعرض المشاكل، بل تعرض النتائج فقط. وأنت لن تستفيد من نتاج الآراء، إن لم تعرف أصلها.
ستكون الوتيرة بطيئة، إن كنت هكذا، لكن مع الوقت، ستتضح لك الكثير من الأشياء. ثم، بهذه الطريقة، لن تمل من العلم أبدا. ستجد نفسك دائما تتعلم، وتبني نفسك. وستكون عندك فراسة علمية. ولن تكون عبدا لأحد، لأنك ستكون إكتشفت عن طريق الفراسة، مآل كل رأي.
المهم تذكر اللوازم، اللوازم المرتبطة بالمادة، لأنها منهج حياة في كل علم، حتى في الإسلام، أنظر إلى هذا الأثر سمعَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قومًا يتدارَؤونَ فَقالَ: إنَّما هلَكَ مَن كانَ قبلَكُم بِهَذا ضربوا كتابَ اللَّهِ بعضَهُ ببعضٍ، وإنَّما نزَلَ كتابُ اللَّهِ يصدِّقُ بعضُهُ بعضًا، فلا تُكَذِّبوا بعضَهُ ببعضٍ فما عَلِمْتُم منهُ فَقولوا وما جَهِلْتُم فَكِلوهُ إلى عالمِهِ (تخريج مسند أحمد بن حنبل لأحمد شاكر، 11/26 – إسناده صحيح)
فاللوازم إن تذكرتها، ستجد نفسك تستقيم على المادة، أما إن لم تحترمها، ستجد نفسك تمرق كما يمرق السهم من الرمية، لأنك ستُولد الخلاف وتذهب مقاصدك. وتصبح عبدا للرجال الذين إعتمدو في آرائهم على الظنون والأهواء.
الخُلاصة:
كن عالما، أو متعلما، في مواضع الخلاف. ولا تقبل التقليد. لأن التقليد في مواضع الخلاف، يُفسد مقاصدك وفطرتك. ولا تلتلفت إلى مقامات الرجال في مواضع الخلاف. فلو كانو على الحق، لما إختلفو.
التقليد يكون فقط، عندما تكون هناك إستقامة في المتابعة والتتبع.